البارونة وارثي تحضر مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي
البارونة وارثي تتناول في كلمتها حرية الدين أو المعتقد، والأمل بوجود حوار صريح ومنفتح وصادق بين الدول.
حضرت البارونة وارثي، الوزيرة بوزارة الخارجية البريطانية، مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في القاهرة. ولسوء الحظ تم قطع الجلسة التي كان من المتوقع أن تلقي البارونة وارثي كلمتها خلالها بسبب ضيق الوقت. لكن تم توزيع نسخة من كلمتها المشار إليها أدناه.
استهلت البارونة وارثي كلمتها بالإعراب عن سعادتها بزيارتها لمصر “التي هي موطن الأزهر، منارة الأمة، للكثير من المسلمين في أنحاء العالم. كما أعربت عن مدى تشرفها بلقاء فضيلة شيخ الأزهر، وقداسة البابا تواضروس الثاني.
قالت البارونة وارثي في كلمتها:
إن دعوتي لمخاطبتكم هنا فيها تعبير واضح عن متانة الروابط بين منظمة التعاون الإسلامي والمملكة المتحدة… ويسعدني بشكل خاص أننا وقعنا مع المنظمة مذكرة تفاهم أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر.
حرية الدين أو المعتقد
قالت البارونة وارثي بأن حرية الدين أو المعتقد تمثل تحديا بحد ذاتها، لكن يمكننا إيجاد الحلول للكثير من التحديات التي نواجهها إن اتبعنا التصرف الصحيح.
الإسلاموفوبيا
وأشارت إلى مدى قلق منظمة التعاون الإسلامي حيال الإسلاموفوبيا وقالت:
إنني كمسلمة بريطانية، وكعضو فخور من أعضاء إحدى الأقليات الدينية في دولة ذات غالبية مسيحية، وكوزيرة في الحكومة البريطانية، أشعر كذلك بالقلق العميق تجاه الإسلاموفوبيا. لكن القلق وحده لا يجسر الفروقات. وأعتقد بأن الرد هو مواجهة عدم التسامح الديني حينما وحيثما يطرأ، وحماية حقوق كافة من في المجتمع.
التجربة البريطانية
تحدثت البارونة وارثي عن التشريعات البريطانية ضد التحريض على الكراهية على أساس الدين أو المعتقد، سواء كان ذلك تصرفا فيه معاداة للمسلمين أو التعصب ضد أي دين أو معتقد آخر. وقالت: “لكن التشريع ليس هو الرد الوحيد. فبينما أن التحريض على الكراهية على أساس الدين يعتبر جريمة في بريطانيا، تم إلغاء قانون التجديف عام 2008 - وذلك مردّه جزئيا لشعورنا بأنه لا يتماشى مع حرية التعبير عن الرأي.
ولكي يكون لدينا حقا مجتمعات مبنية على التسامح والقبول، وعلى الحب والتفاهم، فإننا بحاجة لأكثر من مجرد تشريعات. إننا بحاجة لرعاية وحماية هذه القيم، وزرعها بالطريقة التي ننظر بها للعالم… وبالتالي فإننا نسعى في المملكة المتحدة لمكافحة الصور النمطية السلبية في وسائل الإعلام… وتقديم الدعم للضحايا، وتحسين سبيل الإبلاغ عن جرائم الكراهية.”
بناء مجتمع تعددي
أكدت البارونة وارثي بأنه لا يكفي التعامل مع الأحداث حين تقع. بل لهزيمة هذا البلاء يتوجب وضع الأسس التي تدعم مجتمعا تعدديا مبنيا على التسامح والشمول، وللمواطنين فيه حرية اتخاذ خياراتهم بأنفسهم بشأن كيفية عيش حياتهم… سواء اختاروا الذهاب للكنيسة أو المسجد أو المعبد… وسواء اختاروا ارتداء الصليب حول الرقبة أو تغطية الرأس بالحجاب، أو ارتداء القبعة (التي يرتديها اليهود)… وسواء اختاروا قراءة الإنجيل أو التوراة أو القرآن… أو إرسال أبنائهم للتعلم في مدارس دينية أو اتباع نظام غذائي يمليه عليهم الدين… وقالت:
بالنسبة لي، المسلم يعني الإنسانية. وإنني أعتقد بأن حقوق الإنسان تدعم القيم الإسلامية، وتلك الحقوق ليست حكرا على دين محدد أو أقلية عرقية بعينها… والواجب الأساسي للحكومة هو توفير الأمن لكافة أفراد الشعب. وليس هناك أي استثناء لهذه المسؤولية…
يميل البعض للاعتقاد بأن أتباع الديانات والمعتقدات الدينية المختلفة لا يمكنهم التعايش مع بعضهم البعض بسلام، واحترام آراء بعضهم البعض. وهذا الاعتقاد الخاطئ يسود في الغرب تماما كما يسود في الشرق. ويلجأ البعض للفكر السياسي لتبرير وجهة النظر هذه… بينما يلجأ البعض الآخر لآراء دينية متطرفة. لكنني أرفض هذا الاعتقاد… ذلك لأن التاريخ يقول غير ذلك، كما أرفضه من واقع تجربتي الشخصية.
ثقافة التسامح في المملكة المتحدة
ومضت البارونة وارثي تقول بأن المملكة المتحدة ليست كاملة مكملة، لكنها تتميز بثقافة التسامح الديني، وموقعها كدولة متعددة الأصول العرقية، ومتعددة الثقافات، ومتعددة الأديان. وقالت:
يمكن يسأل المرء هذا السؤال البسيط: في كم من الدول الأخرى يمكن لأحد مثلي، ابنة مهاجر مسلم فقير، أن تتسلق المراكز لتشغل منصبا وزاريا في الحكومة؟
قرار مجلس حقوق الإنسان 16/18
أشارت البارونة وارثي إلى أن قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/18 بشأن مكافحة التعصب الديني، والذي أصبح الآن تحت مظلة عملية اسطنبول، يمثل أساسا قويا للعمل، وبأن كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وقعت على الدعوة لاتخاذ إجراءات لتنفيذ القرار.
وأضافت بأن جلسات النقاش والحوار حول هذا الموضوع، منذ اجتماع اسطنبول عام 2011، كانت تدور عبر منتديات الأمم المتحدة أو بين الخبراء. لكن شعورها بضرورة التوسع أكثر من ذلك دفعها لاستضافة اجتماع رفيع المستوى منذ أسبوعين في لندن لمناقشة هذا الموضوع. وقالت:
آمل أن يكون النقاش الذي جرى في لندن بداية لهذا الحوار الذي نتحدث فيه بثقة وصراحة، ونتعلم من خلاله من بعضنا البعض، ونتبادل أفضل الممارسات بشأن سبل معالجة هذه القضايا في بلداننا. وإنني أشعر بالامتنان لموافقة معالي الأمين العام على استضافة الاجتماع التالي في سياق عملية اسطنبول.
واختتمت البارونة وارثي كلمتها بالقول بأن النظر إلى العالم من خلال منظور المسيحية في الغرب والإسلام في الشرق بات من العهد البائد. وبأن هذه النظرة تصف الأمور ببساطة مفرطة وغير صحيحة تاريخيا.
وأضافت بأن الحلول التي تقبل الطبيعة التعددية لأممنا - الحلول على المدى الطويل - يمكن أن تكون بقيادة مسيحيين في الشرق ومسلمين في الغرب، ودعاة الأديان في أنحاء العالم، “لأنني لا أقبل فكرة أن الدين ينحصر داخل حدود وطنية.”