تعزيز التعاون بين الدول العربية وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة
مداخلة السفيرة باربرا وودورد في جلسة إحاطة بمجلس الأمن بشأن التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربيةـ تناولت فيها الأوضاع في سورية وليبيا واليمن وعملية السلام في الشرق الأوسط.
أود أن أتقدم بالتهنئة لكم ولتونس لتنظيم هذا اللقاء مع جامعة الدول العربية. كما أشكر الأمناء العامين على الإحاطات التي قدموها اليوم. نحن نتفق مع الآخرين بأن أفضل سبيل لتحقيق الرخاء والسلام المستدامين طويليّ المدى هو من خلال الجهود المشتركة لمنع نشوب النزاعات ولحلها.
كما أنه من الصواب، في هذه الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس كل من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، الاعتراف بالدور الرئيسي لهاتين المنظمتين، وغيرهما من المنظمات متعددة الأطراف، في خلق ودعم نظام دولي قائم على القوانين والذي يوفر أساسا للتنسيق والعمل الجماعي للتصدي لأكبر التحديات التي أمامنا. وقد تجلى هذا الإنجاز بوضوح شديد في عام عانينا فيه جميعنا، وما زلنا نعاني، من جائحة عالمية.
لا تزال جامعة الدول العربية تلعب دورا هاما في تعزيز السلام والأمن الإقليميين، وفي دعم التعاون والصداقة بين الدول العربية، وبين المنطقة وباقي دول العالم. ولطالما كانت الجامعة طوال تاريخها صوت الاعتدال والمصالحة في أوقات النزاعات الإقليمية. وبالبناء على ذلك، مع تعميق العمليات السياسية واسعة التمثيل بمشاركة نسائية، سنتمكن جميعا من مواجهة التحديات العاجلة التي نتشاركها في المنطقة، والتي تتطلب الاهتمام الفوري من المجتمع الدولي.
وبالعودة إلى بعض الأمور المحددة وبدءا من سورية، تظل التسوية السياسية المتفاوض عليها هي الحل المستدام الأوحد للصراع. وتواصل المملكة المتحدة دعمها لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة بيدرسون لتحقيق هذا الهدف. ولن ننظر في تمويل إعادة الإعمار دون انطلاق عملية سياسية بشكل جدي، ونحن نرحب بمواصلة تعليق جامعة العربية لعضوية سورية. يطلب القرار 2254: وقفا لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد، ووصول المساعدات دون عراقيل، وإطلاق سراح المحتجزين تعسفيا، وتهيئة الظروف لعودة آمنة للاجئين إلى وطنهم، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة استنادا إلى دستور جديد للبلاد. لكن عوضا عن ذلك، تواصل سياسات نظام الأسد تدمير الاقتصاد السوري، ومنع وصول المساعدات لمن هم في حاجة إليها، والقبول بانتهاكات متكررة للقوانين الإنسانية الدولية وحقوق الإنسان.
أما بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط، فتظل المملكة المتحدة ملتزمة بحل الدولتين الذي يؤدي إلى تمكين دولة إسرائيل من العيش بسلام وأمن جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية ذات سيادة، ضمن حدود 1967، وتكون القدس عاصمة مُشتركة لكلتا الدولتين. والمملكة المتحدة موقفها واضح بوجوب إيقاف كافة الممارسات التي تقوّض هذا الهدف، بما فيها الإرهاب، والتحريض على العنف، والتوسع في الاستيطان، وعمليات الهدم. وقد رحبت المملكة المتحدة باتفاقيات التطبيع التي أبرمت مؤخرا بين دول عربية وإسرائيل، والتي تُظهر أن الحوار ينتصر على العداء. لا بد للروابط الأقوى والفوائد الناجمة عن تلك الاتفاقيات أن تشمل الفلسطينيين أيضا. ونحن نشجع كافة الأطراف على استغلال هذا التغيير الإقليمي الجديد، وعلى المضي قدما عبر الحوار والتسوية نحو حل دائم للصراع.
وفي ليبيا، نرحب باتفاق وقف إطلاق النار الذي كان برعاية الأمم المتحدة، ونظل مستعدين لدعم خارطة الطريق السياسية التي وافق عليها منتدى الحوار السياسي الليبي، والتي تهدف لإجراء انتخابات في ديسمبر 2021. كما نرحب بجهود جامعة الدول العربية لدعم حل سلمي للنزاع، بما في ذلك دعمها لعملية برلين. من الواضح أن الشعب الليبي لم يعد يحتمل المزيد من عدم الاستقرار والعنف والتدخل العسكري الخارجي بشؤونه. ومن واجب المجتمع الدولي أن يلعب دوره في مساعدة الليبيين في طريقهم نحو السلام والاستقرار.
كذلك تشعر المملكة المتحدة ببالغ القلق من الصراع المستمر في اليمن ومن كارثته الإنسانية المدمرة. ونحن ندعم بشكل كامل عملية السلام التي يقودها المبعوث الخاص للأمم المتحدة غريفيثس، ونحث كافة الأطراف على التواصل بشكل بناء. إن التسوية السياسية هي الوسيلة الوحيدة لإحلال الاستقرار طويل الأمد في اليمن ولمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وأخيرا، عندما نتطلع للأمام، نرى أن المنطقة تتشارك مع باقي دول العالم في مواجهة تحديين اثنين على المديين القصير والطويل، وهما التعافي من وباء كوفيد-19، والحد من التغير المناخي. وحين ننهض من أزماتنا لننطلق نحو مستقبل سلمي مزدهر طويل الأمد ومُستدام، فإننا نتطلع إلى تعميق وتطوير العلاقات ما بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.