تصريح وزير الخارجية حول سياسة المملكة المتحدة بشأن تراخيص صادرات الأسلحة لإسرائيل
أدلى وزير الخارجية بتصريح لمجلس العموم حول سياسة المملكة المتحدة بشأن تراخيص صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.
بعد إذنك، السيد الرئيس، سأدلي بتصريح حول الشرق الأوسط.
لدى استلامي لمنصبي في يوليو أخبرت المجلس أن أولوية الحكومة في منطقة الشرق الأوسط تتمثل بدعم جهود السلام. وستظل هذه مهمتنا على جميع الجبهات.
في كل من إسرائيل والضفة الغربية ولبنان والبحر الأحمر، وطبعا في غزة، نحتاج لوقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، والإفراج فورا عن كافة الرهائن، وإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى داخل غزة.
على مدى أشهر الصيف، واجهنا احتمال اندلاع حرب شاملة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل.
وفي كل من الزيارات الثلاث التي قمت بها إلى المنطقة - بما فيها تلك التي كانت بصحبة زميلي الموقر وزير الدفاع، وفي زيارتي المشتركة مؤخرا مع وزير الخارجية الفرنسي - ناشدت حزب الله اللبناني، والحكومة اللبنانية، وإسرائيل الانخراط في المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة لحل خلافاتهم بالأساليب الديبلوماسية، وللتوصل لحل سلمي من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
وفيما نواصل العمل مع حلفائنا وشركائنا للدفع تجاه حل ديبلوماسي، نقف على أهبة الاستعداد لأسوأ السيناريوهات، بما في ذلك احتمال إجلاء الرعايا البريطانيين. ورسالتنا لأولئك الرعايا الذين لا يزالون في لبنان واضحة: غادروا الآن.
السيد الرئيس، هدفنا المشترك لتحقيق السلام في الشرق الأوسط لن يكون مُستداما ما لم تتحقق السلامة، والأمن، والسيادة لكل من إسرائيل ودولة فلسطينية. وعلينا أن نُبقي في طليعة اهتماماتنا الآلام والمعاناة والأهوال التي سببها هذا الصراع للكثير جدا من المدنيين العاديين.
وضحايا الهجوم الوحشي الذي وقع في السابع من أكتوبر، والرهائن - وكل أولئك الذين ما زالوا يتعرضون لمعاناة تفوق التصور، سواء كانوا يأملون برؤية أحبائهم ثانية أو يحزنون لفقدانهم، كما أظهرته أحداث عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، حين عُثر على جثامين ست رهائن.
لا يزال الشعب الإسرائيلي يرزح تحت نيران الصواريخ ليس فقط من جانب حماس، بل أيضا من أطراف معادية أخرى عازمة صراحة على إبادة إسرائيل. هذا الشعب يحارب حماس، ذلك العدو الذي يلجأ لأساليب مروّعة تعرض حياة أعداد لا حصر لها من المدنيين للخطر.
وهناك أيضا الفلسطينيون الأبرياء، الذين قُتل منهم عشرات الآلاف في هذا الصراع - وتزداد أعداد قتلاهم كل يوم، بما في ذلك أعداد مُفجعة من النساء والأطفال، وقد أصبح الكثير من الأمهات يعانين من سوء التغذية لدرجة أنهن لم يعُدن قادرات على إرضاع أطفالهن، فيما تجاهد عائلات للحفاظ على أطفالها أحياء، بينما الأمراض والمجاعة تخيم عليهم بشكل متزايد.
وهناك موظفو المنظمات الإنسانية الأبطال الذين يعرّضون حياتهم للخطر لمساعدة الآخرين، مثل موظفي الإغاثة الشجعان الذين قابلتهم التابعين لوكالات الأمم المتحدة، ومن مستودعات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي زرتها بصحبة وزير الخارجية الفرنسي الشهر الماضي.
وواقع الحال أن المملكة المتحدة ترأست يوم الخميس الماضي جلسة لمجلس الأمن الدولي دعت فيها استمرار إلى تركيز الجهود العالمية على حماية المدنيين في غزة، بما في ذلك ضرورة العمل على مكافحة مرض شلل الأطفال.
والآن هناك تصعيد مقلق للغاية في الضفة الغربية كما في غزة، حيث تواجه مجتمعات عديدة ارتفاعا في أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون إسرائيليون، وسط استمرار الاحتلال. العديد من الأفراد على طرفي هذا النزاع الرهيب مقتنعون أن العالم لا يدرك حقيقة محنة إسرائيل أو عمق معاناة الشعب الفلسطيني.
إنني صديق لإسرائيل طوال حياتي، كشخص ليبرالي صهيوني تقدمي، وأؤمن بإسرائيل كدولة ديموقراطية وموطن للشعب اليهودي، لها الحق بالوجود والدفاع عن نفسها. لكنني أعتقد أيضا أن إسرائيل ستعيش بسلام وأمن فقط إذا كان هناك حل لدولتين يضمن حقوق كافة مواطني إسرائيل وجيرانهم الفلسطينيين الذين لهم حق لا يُسلب في الأمن وتقرير المصير.
السيد الرئيس، مع ارتفاع حدة القلق بشأن المشاهد المروّعة في غزة، فإن العديد من أعضاء هذا المجلس، بالإضافة إلى المحامين الموقرين والمنظمات الدولية، قد أثاروا موضوع إصدار تراخيص صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل.
بعد أن كنت قد عبرت عن قلقي حول هذا الموضوع من صفوف المعارضة، حين توليت منصبي سعيت فورا لإجراء مراجعة محدّثة بهذا الشأن. وفي أول حضور لي في هذا المجلس كوزير للخارجية، التزمت باطلاع المجلس على النتائج التي تمخضت عنها المراجعة.
لقد تابعنا بحزم كل مرحلة من العملية التي وضعتها حكومة المحافظين السابقة. دعوني أولا أوضح نطاق هذه المراجعة.
هذه الحكومة ليست محكمة دولية. لم - ولا يمكننا أن - نتصرف كمحكّمين حول ما إن كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي الإنساني أم لا.
هذه المراجعة هي تقييم ذو نظرة مستقبلية، وليست حكما بالبراءة أو الذنب. وهي لا تُصدر الأحكام المُسبقة بشأن أية قرارات مستقبلية تتخذها المحاكم المختصة. ولكن بمواجهة صراع كهذا، فإن الواجب القانوني لحكومتنا يُملي علينا مراجعة تراخيص صادرات الأسلحة.
ينص المعيار رقم 2(ج) من المعايير الاستراتيجية لترخيص الصادرات على أن الحكومة “لن تُصدر تراخيص صادرات في حال وجود خطر واضح أن الصادرات قد تُستخدم لارتكاب، أو تسهيل، انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني”.
ويؤسفني أن أُخبر المجلس اليوم بأن التقييم الذي تلقيته يجعلني لا أستنتج سوى أن هناك خطرا واضحا بأن صادرات أسلحة بريطانية معينة لإسرائيل قد تُستخدم لارتكاب أو تسهيل انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني.
وقد أبلغت صديقي الموقّر وزير الأعمال والتجارة بذلك. وعليه، فإنه يُعلن اليوم تعليق قرابة 30 رخصة، من إجمالي حوالي 350 رخصة تصدير إلى إسرائيل، وفقا لما هو مطلوب بموجب قانون ضوابط الصادرات.
ذلك يشمل معدات نعتقد أنها للاستخدام في الصراع الحالي في غزة، مثل مكونات هامة يمكن تحميلها على الطائرات الحربية، بما في فيها الطائرات القتالية والمروحيات والمسيّرات، بالإضافة إلى مواد أخرى تسهّل استهداف أهداف أرضية. ولدواعي الشفافية، ستنشر حكومتنا موجزا عن هذا التقييم.
أود اليوم أن أؤكد على أربع نقاط بشأن هذه القرارات. أولا، عمليات إسرائيل في غزة لا تزال تؤدي إلى خسائر كبيرة في أرواح الأبرياء، ودمار واسع النطاق للبنى التحتية المدنية، ومعاناة هائلة.
وفي حالات عديدة، لم يكن بالإمكان الوصول إلى نتائج حاسمة بشأن المزاعم حول سلوك إسرائيل في العمليات القتالية، ويعود ذلك جزئيا لعدم وجود معلومات كافية سواء من جانب إسرائيل أو من مصادر موثوقة أخرى للتحقق من تلك المزاعم.
ومع ذلك، فإن تقييم حكومة جلالة الملك هو أن بإمكان إسرائيل أن تفعل المزيد بشكل معقول لضمان وصول المواد الغذائية والإمدادات الطبية المنقذة للأرواح إلى المدنيين في غزة - على ضوء الوضع الإنساني المروّع.
كما أن حكومتنا في غاية القلق بسبب مزاعم موثوقة بشأن سوء معاملة المُحتجزين، والتي لا يُمكن للجنة الدولية للصليب الأحمر أن تتحقق من صحتها بسبب منعها من زيارة مواقع الاحتجاز.
وقد كان سَلفي وكافة حلفائنا الأساسيين قد عبروا عن هذه المخاوف مرارا وبشكل قوي للحكومة الإسرائيلية. لكن للأسف، لم يتم التعامل معها بشكل مُقنع.
ثانيا، ما من شك أن حماس لا تعير أدنى اهتمام للقانون الدولي الإنساني، وتعرّض حياة المدنيين للخطر بالاختباء وسط تجمعات عالية الكثافة السكانية وفي البنى التحتية المدنية.
لا وجه للمقارنة بين إرهابيي حماس وحكومة إسرائيل الديموقراطية - أو في واقع الأمر، إيران وشركائها ووكلائها في المنطقة. لكن لإصدار تراخيص صادرات أسلحة لإسرائيل، علينا تقييم امتثالها للقانون الدولي الإنساني، بغض النظر عن فظاعة أساليب وايديولوجية خصومها.
ثالثا، هذا ليس حظرا شاملا. هذا ليس حظر بيع أسلحة. بل هو حظر يستهدف حوالي 30 رخصة من قرابة 350 رخصة للتصدير إلى إسرائيل، ويشمل موادا قد تُستخدم في الصراع الحالي في غزة. أما باقي التراخيص فسوف تستمر.
كما أن الخطوة التي نتخذها لن تؤثر بشكل مادي على أمن إسرائيل. بل يغطي هذا التعليق فقط المعدات التي قد تُستخدم في الصراع الحالي. هناك عدد من تراخيص الصادرات التي اعتبرناها ليست مخصصة للاستعمال العسكري في الصراع الحالي، وبالتالي لا داعي لتعليقها.
وهي تشمل موادا لا يستخدمها الجيش الإسرائيلي في الصراع الحالي، مثل طائرات التدريب أو معدات بحرية أخرى. كما تشمل تراخيص صادرات للاستخدام المدني - تتضمن مجموعة من المنتجات مثل المواد الكيميائية المستخدمة في اختبار الأغذية، ومعدات الاتصالات اللاسلكية، ومعدات البيانات. كما لن يؤثر القرار على التعاون الدولي، مثل البرنامج الدولي لطائرات F35 الذي يوفر الطائرات لأكثر من عشرين دولة - وهو بالغ الأهمية للسلام والأمن على نطاق أوسع.
وحقيقة الأمر، إن تأثيرات تعليق كافة التراخيص المتعلقة ببرنامج طائرات F35 سوف تقوّض سلسلة التوريد العالمية لهذا البرنامج، والتي هي بالغة الأهمية لأمن المملكة المتحدة وحلفائنا وحلف شمال الأطلسي. وبالتالي، فقد استثنى وزير الأعمال والتجارة تلك التراخيص من هذا القرار.
رابعا، سوف تُبقي الحكومة موقفها قيد المراجعة. إن التعهد بالامتثال للقانون الإنساني الدولي هو ليس المعيار الوحيد المتبع عند اتخاذ القرارات المتعلقة بتراخيص الصادرات.
سوف نواصل العمل مع حلفائنا لتحسين الوضع. كما إن السياسة الخارجية تنطوي بالطبع على اتخاذ قرارات صعبة. لكنني سأسعى دائما لاتخاذ تلك القرارات بما ينسجم مع مبادئنا - وسأُطلع هذا المجلس أولا بأول على المستجدات وفقا لما التزمت به سابقا.
السيد الرئيس، إننا لا نتخذ هذا القرار باستخفاف، لكننا نأخذ بالحسبان أنه في مرات سابقة وزراء من كافة الأطراف في هذا المجلس، من عمال ومحافظين وديموقراطيين ليبراليين، اختاروا عدم ترخيص صادرات لإسرائيل. في عام 1982، فرضت مارغريت ثاتشر حظر أسلحة وحظر نفط على إسرائيل إبان حربها في لبنان. وسبق للصراعات في غزة أن دفعت غوردن براون لتعليق خمس رخص صادرات عام 2009، كما اختار فينس كيبل عدم إصدار أية تراخيص جديدة أثناء إجراء مراجعة في 2014.
وعلى غرارهم، فإن حكومتنا تأخذ دورها على محمل الجد في تطبيق قانون إصدار تراخيص الصادرات، بما يعكس المعايير المنصوص عليها والظروف الخاصة. لكن أريد أن أوضح لهذا المجلس، بما لا يدع مجالا للشك، أن المملكة المتحدة ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بما يتماشى مع القانون الدولي.
ففي شهر إبريل الماضي، اعترضت طائرات حربية بريطانية صواريخ إيرانية موجهة إلى إسرائيل ومنعتها من التسبب بخسائر جسيمة في أرواح المدنيين. كما دعمنا إجراءات صارمة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذين هاجموا إسرائيل مباشرة والسفن التي لها صلة بإسرائيل. كما يجب ألا يكون لدى إيران أي شك بالتزامنا بالتصدي لأفعالها الطائشة والمزعزعة للاستقرار في المنطقة وفي أرجاء العالم.
وسوف نواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا الدوليين لمواجهة الأعمال العدائية الخبيثة لإيران - حيثما تكون وحيثما نجدها. ونستمر في محاسبة إيران - بما في ذلك من خلال الاستخدام الموسّع للعقوبات. وها نحن نفعل ذلك اليوم ثانية.
حيث نُعلن عقوبات جديدة على أربعة كيانات لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، التي لها دور في دعم أنشطة جماعات تعمل نيابة عن إيران في العراق وسورية ولبنان. ومن خلال النظام البريطاني للعقوبات على إيران، فرضنا عقوبات على أكثر من 400 من الأفراد والكيانات الإيرانية.
ومن خلال عملنا مع شركائنا، فإننا نفضح ونحتوي خطط إيران لتطوير أسلحة مزعزعة للاستقرار، وسندخل المزيد من القواعد الجديدة قريبا في هذا المجال - لتعزيز مختلف أنواع الحظر القائمة على صادرات البضائع والتكنولوجيا المهمة لإنتاج إيران للطائرات المسيّرة والصواريخ.
إذا اسمحوا لي أن أكون واضحا في قولي بأننا سنواصل العمل مع إسرائيل ومع شركائنا للتصدي لتهديدات إيران في مُختلف أرجاء المنطقة. وستظل حكومتنا تدعم أمن إسرائيل. وسنفعل ذلك دائما بما ينسجم مع التزاماتنا بالقوانين المحلية والدولية.
السيد الرئيس، أتقدم بهذا البيان للمجلس.
Updates to this page
تاريخ النشر 2 سبتمبر 2024تاريخ آخر تحديث 2 سبتمبر 2024 + show all updates
-
Added translation
-
First published.