الشرق الأوسط: تصريح وزير الخارجية للبرلمان، 20 مارس 2025
وزير الخارجية، ديفيد لامي، أطلع مجلس العموم على مستجدات الصراع في غزة.

بالإذن، السيدة نائبة الرئيس، أود أن أدلي بتصريح بشأن الصراع في غزة.
في شهر يناير، أطلعتُ المجلس على الاتفاق بين إسرائيل وحماس. كانت تلك لحظة من الأمل والانفراج الكبيرين.
وفي الأسابيع التي تلت ذلك، أعيد رهائن كانوا محتجزين بقسوة لدى حماس إلى أهاليهم، وأخيرا بدأت المساعدات التي كانت إسرائيل تمنع دخولها بالتدفق إلى غزة. وبدا المسار مفتوحا للخروج من هذا الصراع الرهيب.
بالتالي من المؤسف للغاية إطلاع المجلس اليوم على المستجدات بشأن انهيار وقف إطلاق النار، والمزيد من إراقة الدماء في غزة.
في ليلة 18 مارس، شنت إسرائيل ضربات جوية في أنحاء قطاع غزة. وتشير التقارير إلى مقتل عدد من شخصيات حماس.
لكن تفيد الأنباء أيضا بمقتل ما يربو على 400 فلسطيني في القصف الصاروخي والمدفعي، وأغلبهم من النساء والأطفال.
يبدو وأن ذلك اليوم كان الأكثر فتكا بالفلسطينيين منذ اندلاع الحرب. وتلك خسائر فظيعة بالأرواح، ويحزننا مقتل كل مدني.
وصباح أمس، تعرض مجمع تابع للأمم المتحدة للقصف في غزة. ويمكنني أن أؤكد للمجلس بأن مواطنا بريطانيا كان من بين المصابين. أولويتنا هي تقديم المساعدة له ولعائلته في هذا الوقت.
تعتبر غزة أخطر مكان في العالم بالنسبة لموظفي الإغاثة.
وإنني أشاطر الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش غضبه بشأن ما حدث. وتدعو حكومتنا إلى إجراء تحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين.
تعمل المملكة المتحدة الآن بشكل وثيق مع فرنسا وألمانيا لتوجيه رسالة واضحة.
إننا نعارض بشدة استئناف إسرائيل للقتال. ونريد أن نرى عاجلا العودة إلى وقف إطلاق النار. فليس من مصلحة أحد إراقة مزيد من الدماء. كما يجب على حماس الإفراج عن جميع الرهائن، ويجب استئناف المفاوضات.
الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتحقيق الأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.
كما يعلم المجلس، استمر وقف إطلاق النار في غزة لنحو شهرين، بفضل جهود حثيثة بذلتها مصر وقطر والولايات المتحدة.
والاتفاق الذي تم التوصل إليه في شهر يناير شهد انتهاء كابوس كان يعيشه 30 من الرهائن، وتسليم جثامين 8 آخرين من الضحايا الذين أعادتهم حماس إلى أحبائهم.
إننا نتذكر جميعنا فرحة لم شمل إيميلي داماري بوالدتها وعائلتها، وبدء دخول مساعدات تشتد الحاجة إليها إلى غزة – من غذاء وأدوية ووقود وخيام.
والأطفال في غزة أخذوا استراحة من الخوف الذي لا هوادة فيه. وبات باستطاعة المصابين بإصابات شديدة عبور الحدود مجددا لتلقي العلاج. وبدأ الفلسطينيون العودة إلى ديارهم، وبحث كيفية إعادة بناء حياتهم.
في الأيام الأولى من وقف إطلاق النار، تحركت المملكة المتحدة سريعا للاستثمار في السلام.
حيث أفرجنا عن 17 مليون جنيه إسترليني من التمويل الإضافي العاجل للأغراض الإنسانية الذي كنا قد تعهدنا بتقديمه لزيادة المساعدات، وبذلك ارتفع دعمنا للفلسطينيين في أنحاء المنطقة هذه السنة إلى 129 مليون جنيه.
كذلك عجّلنا الجهود على مسار إعادة الإعمار، دعما لمبادرة شركائنا العرب مؤخرا، وهي مبادرة نرحب جدا بها.
لقد عملنا على كل المستويات لدعم المفاوضات للوصول إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم، وإعادة كل واحد من الرهائن، وأيدنا تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق الحالي.
لكن المفاوضات مستعصية منذ عدة أسابيع.
وقد قاومت حماس الدعوات للإفراج عن مزيد من الرهائن في مقابل هدنة أطول، كذلك فإن القوات الإسرائيلية لم تبدأ في الانسحاب من محول صلاح الدين (فيلادلفيا) بموجب الاتفاق.
وفي 2 مارس، أعلنت الحكومة الإسرائيلية منع دخول مزيد من المساعدات إلى أن توافق حماس على شروطها.
مرت أسابيع الآن من منع دخول السلع الأساسية والكهرباء، الأمر الذي أدى مرة أخرى إلى قطع الماء النظيف عن أكثر من مليون مدني، وأدى إلى زيادة بلغت 200% في أسعار المواد الغذائية الأساسية – وتلك عطية للمجرمين الذين يستخدمون العنف للسيطرة على الإمدادات.
كما قلتُ للمجلس يوم الاثنين، هذا الوضع فظيع وغير مقبول.
وفي نهاية المطاف، بالطبع، هذه أمور من اختصاص المحاكم، لا الحكومات، للبت فيها. إلا أنه من الصعب أن نرى كيف يمكن أن يكون منع المساعدات الإنسانية عن شعب مدني متماشيا مع القانون الدولي الإنساني.
لكن من المهم أن أقول بأنني ربما كان باستطاعتي أن أكون أكثر وضوحا في المجلس يوم الاثنين، حيث موقفنا ما زال هو أن أفعال إسرائيل في غزة تخاطر بوضوح بانتهاك القانون الدولي الإنساني.
إن تبعات انهيار وقف إطلاق النار كارثية.
وبالنسبة لعائلات وأصدقاء 59 رهينة الباقين، بمن فيهم أفيناتان أور، المعاناة مستمرة.
إن اختطاف حماس لهؤلاء الأشخاص، ومعاملتهم في الأسر، والإفراج عنهم بطريقة مسرحية قاسية، وحرمانهم من الغذاء ومن الحقوق الأساسية، هذه كلها أفعال قاسية مشينة.
يجب على حماس الإفراج عنهم جميعا فورا.
والمدنيون الفلسطينيون، الذين عانوا الكثير جدا، بات عليهم حشية تكرار وعودة أيام الموت والحرمان والدمار.
وقد أصدرت إسرائيل مرة أخرى أوامر للمدنيين بالإخلاء.
والنداء الطارئ من الأمم المتحدة ممول بنسبة 4% فقط – وهذا لا يكفي حتى لتوفير مساعدات لنهاية الشهر الجاري.
كما اضطرت المراكز الصحية لإغلاق أبوابها، حتى في الوقت الذي باتت فيه الخدمات الصحية المدمرة في غزة مضطرة لمعالجة طفرة أخرى في عدد المصابين نتيجة القصف.
حماس لا يمكن أن يكون لها دور في مستقبل غزة.
وانهيار وقف إطلاق النار لن يعيد الرهائن لعائلاتهم.
والصراع الذي لا نهاية له لن يجلب الأمن طويل الأمد لإسرائيل.
وانحدار الحرب إلى أعماق أكبر لن يؤدي سوى لانتكاس في قضية التطبيع في المنطقة، وخطر مزيد من عدم الاستقرار – مباشرة بعد استئناف الحوثيين لتهديداتهم غير المقبولة للملاحة في البحر الأحمر.
منذ اندلاع القتال مجددا، تحدثتُ مع وزير الخارجية الأمريكي روبيو، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي كالاس، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر. وسوف أتحدث قريبا مع نظيري الإسرائيلي جدعون ساعر، ومع رئيس الوزراء الفلسطيني مصطفى.
نحتاج نحن وشركاؤنا إلى إقناع الأطراف بأن الصراع لا يمكن تسويته بالسبل العسكرية.
إننا نريد من إسرائيل وحماس معاودة الانخراط في المفاوضات.
ونحن نواصل إدانتنا لحماس، بالطبع، لما فعلته في 7 أكتوبر، ورفضها الإفراج عن الرهائن، وتهديدها المستمر لإسرائيل.
لكننا ثابتون أيضا في مطالبتنا لإسرائيل بالامتثال للقانون الدولي، ورفع القيود غير المقبولة على دخول المساعدات، ونطالبها بحماية المدنيين.
قبل شهور عديدة، بعد أسابيع فقط من استلامي لمنصبي، رأيت خطرا واضحا بأن تنتهك إسرائيل القانون الدولي الإنساني في غزة.
وذلك الخطر تحدثتُ عنه لأول مرة في هذا المجلس في شهر سبتمبر، وبالنتيجة علقت الحكومة تراخيص الصادرات المتعلقة بمواد يستخدمها الجيش الإسرائيلي في العمليات العسكرية في غزة.
والأفعال التي شهدناها في الأسابيع الثلاثة الماضية إنما تؤكد استنتاجنا ذلك.
سوف نضاعف جهودنا، في الأيام والأسابيع القادمة، لأجل استئناف وقف إطلاق النار.
لكننا سوف نواصل أيضا العمل مع شركائنا بشأن ترتيبات الأمن والحوكمة وإعادة الإعمار. فهذه مسائل لن نتوقف عن بحثها.
لا حل عسكري لهذا الصراع. ويظل حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإحلال سلام عادل ودائم.
في شهر يناير، من حيث أقف هنا اليوم، وصفتُ وقف إطلاق النار بأن يمثل بارقة أمل في الظلام. ويبدو وأن الظلام قد عاد.
وقالت الرهينة السابقة إيميلي داماري بأن استئناف القتال جعلها تشعر بأنها “مكسورة القلب، ومحطمة، وخائبة الأمل”. وإنني متأكد بأنها تتحدث عما يشعر به جميع أعضاء المجلس.
لكن علينا ألا نفقد الأمل. فلأجل باقي الرهائن وأحبائهم، ولأجل أهالي غزة، ولأجل مستقبل شعبين طالت معاناتهم الشديدة، سوف نواصل السعي للعودة إلى مسار السلام.
أعهد إلى المجلس بهذا التصريح.