مقال مؤلَّف

بالدبلوماسية فقط يمكن إحلال سلام طويل الأمد: مقال وزير الخارجية، ديفيد لامي

في هذا المقال الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط، يقول وزير الخارجية بأن الدبلوماسية وحدها هي الكفيلة بإحلال الأمن للجميع.

منذ شهور والشرق الأوسط يتأرجح على حافة الصراع الكامل. ولا يمكن لأحد منا أن يعرف تحديدا مدى قربنا من الهوة السحيقة لحرب مكتملة الأركان. إلا أن الجميع يعترف بأن هذه لحظة حرجة لاستقرار المنطقة بأكملها. وبأن خطر التصعيد الخارج عن السيطرة تتعاظم بصورة حادة.

تفعل الحكومة البريطانية الجديدة كل ما بوسعها للدفع نحو خفض التصعيد الحاصل. ففي نهاية الأسبوع الأول من أن توليت منصبي، سافرتُ إلى تل أبيب والقدس ورام الله، حيث التقيت زعماء إسرائيليين وفلسطينيين ومجتمعات محلية. كما قمنا، أنا ووزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، بزيارة مشتركة إلى قطر ولبنان.

رسالتنا للنظراء في المنطقة وخارجها بسيطة وواضحة: توسيع نطاق الصراع لا يصب في مصلحة أحد - وخاصةً مصلحة المدنيين على كل الأطراف. وبريطانيا ملتزمة بالوصول إلى حل دبلوماسي يمكننا معا من خلاله أن نخفف التوترات الحالية.

بُذلت في هذا الأسبوع مساعٍ جديدة للدفع تحديدا بمثل هذا الحل الدبلوماسي، بدءا بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة. ولا ريب في أن مثل هذا الاتفاق مسألة حيوية. وفي هذا الصدد، ترحب بريطانيا وشركاؤنا الأوروبيون بالجهود التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة: فلم يعد هناك أي وقت لتبديده. فالقتال لا بد وأن يتوقف – وأن يتوقف الآن. ولا بد من الإفراج عن كل الرهائن الذين تحتجزهم حماس بكل وحشية – والإفراج عنهم الآن. ويجب البدء في إدخال المساعدات العاجلة إلى غزة بلا أي عقبات – وأن يحدث ذلك الآن.

وعلى كل الأطراف انتهاز هذه الفرصة لفتح المجال نحو التوصل إلى حل دائم. وذلك يتطلب ضبط النفس. كما يجب أن تتوقف إيران والجماعات الموالية لها عن أي اعتداءات تعرقل الوصول إلى هذا الحل الدائم. حيث لا يمكننا المخاطرة بمزيد من التأخير.

وبالطبع يُعتبر وقف إطلاق النار مجرد خطوة أولى في سبيل الوصول إلى سلام طويل الأجل. وستنهض المملكة المتحدة بدور دبلوماسي شامل لاقتناص الفرصة لتعزيز الزخم تجاه حل للدولتين، وتهيئة الأمان والأمن والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.

وفي نفس الوقت، يجب أن ندعم لبنان كبلد ذي سيادة ويتمتع بمؤسسات قوية للدولة. وفي هذا الصدد، فإن القوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمن الداخلي تضطلع بدور حيوي في تأمين مستقبل لبنان، ونحن نستمر في دعمها بالتدريب والمعدات. فمن شأن الاستثمار في هذه المؤسسات اللبنانية أن يحفظ استقرار لبنان، ويحد من تهديد الإرهاب في لبنان وفي المنطقة الأوسع نطاقا.

كما نحث إسرائيل ولبنان على الانخراط في المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة للوصول إلى تسوية سياسية ولحل الخلافات بينهما حلا دبلوماسيا. ويبقى قرار مجلس الأمن رقم 1701 الأساس لحل طويل الأجل. إذ يدعو هذا القرار إلى نزع سلاح جميع الفصائل المسلحة في لبنان. وإلى عدم وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة الحكومة اللبنانية. وإلى عدم وجود قوات مسلحة بخلاف قوات الأمم المتحدة وقوات الحكومة اللبنانية في جنوب نهر الليطاني بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

وفي حين أننا نُكثَّف الجهود الدبلوماسية، تواصل المملكة المتحدة تقديم الدعم الإنساني الواسع. فقد استأنفت حكومتنا الجديدة تمويل وكالة الأونروا، وهي الوكالة الأممية التي تمثل مساعداتها المنقذة للأرواح أهم مصدر حيوي للفلسطينيين في غزة وفي المنطقة الأوسع نطاقا. كما أعلنَّا تقديم تمويل جديد لدعم المستشفيات الميدانية التي تديرها منظمة UK-Med الطبية الخيرية في غزة، ولجهود اليونيسف من أجل توفير الطعام والماء والخدمات الأساسية للأسر الفلسطينية المحتاجة إلى مساعدة.

وسوف أواصل انتقادي صراحةً للأفعال التي تجعل وصولنا إلى حل دبلوماسي أمرا أصعب. إن أرواح المدنيين التي أُزهقت في مجدل شمس حدث مروع – يجب أن يتوقف حزب الله وحماس عن إطلاق صواريخهم التي لا يأتي من ورائها سوى تقويض احتمالات الوصول إلى وقف إطلاق النار. كذلك يجب أن تمتثل إسرائيل للقانون الدولي الإنساني - فالأرواح التي أُزهقت ضحية الهجوم على مدرسة التابعين هي أيضا حدث مأساوي. كما ينبغي أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن التصريحات الأخيرة للوزير سموتريش، وتدينها - فالقانون الدولي واضح: التجويع المتعمد للمدنيين يُعدّ جريمة حرب. أيضا فإن صلاة أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية في المواقع المقدسة من المسجد الحرام خطوة تحريضية - ونحن نعارض أي عمل أحادي الطرف في القدس في غياب تسوية نهائية للوضع.

في هذا الوقت الذي يشهد هذا التوتر الخطير، فإن النقطة التي نسترشد بها هي الحل الدبلوماسي. فلا يمكن إنهاء دورة العنف الانتقامي هذه التي تؤدي إلى الدمار الحالي سوى بالدبلوماسية. ولا يمكن أن نوفر للجميع السلام والأمن على المدى البعيد إلا من خلال الدبلوماسية.

Updates to this page

تاريخ النشر 14 August 2024