تصريح وزيرة الداخلية للبرلمان بشأن اللاجئين السوريين
أدلت وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، بتصريح للبرلمان اليوم، 29 يناير (كانون الثاني) بشأن استقبال لاجئين سوريين.
نص التصريح:
السيد الرئيس، اسمحوا لي أن أدلي بتصريح بشأن عرض الحكومة لاستقبال بعض من اللاجئين السوريين الذين فروا من القتال في سورية، والذين أكثر عرضة للخطر.
إنني على ثقة بأن المجلس يشاركني في شجب مظاهر العنف والمعاناة الشنيعة حين نشاهد ما يحدث في سورية.
وقد سقط ما يفوق 100,000 قتيل، والأنباء الموثقة حول التعذيب المنهجي والتجويع تثير الاشمئزاز. وملايين الأبرياء اضطروا للنزوح عن بيوتهم. ويوجد حاليا ما يفوق 11 مليون سوري بحاجة ماسة للمساعدة، بمن فيهم 6.5 مليون نازح داخل سورية وأكثر من 2.3 مليون لاجئ في الدول المجاورة - نصفهم على الأقل أطفال.
الأرقام هائلة وحجم المعاناة مهول. ورئيس الوزراء على حق حين وصفها بأنها أكبر أزمة لاجئين في تاريخنا.
إن أكبر مساهمة يمكننا تقديمها هي العمل تجاه إنهاء الصراع ككل بالاستعانة بالدبلوماسية البريطانية ونفوذنا الدولي دعما للمفاوضات الجارية حاليا في جنيف. وهذا هو ما نفعله بالضبط. هدفنا هو التوصل لتسوية سلمية تتيح الشروع بعملية انتقال سياسي ووضع نهاية للعنف في سورية. وذلك هو السبيل الوحيد لتهيئة الظروف المناسبة لكافة اللاجئين السوريين للقيام بما يطمحون إليه: العودة إلى ديارهم وحياتهم بسلام.
كما أننا نقود جهود العالم في استجابتنا للكارثة الإنسانية. فبريطانيا هي ثاني أكبر جهة مانحة بشكل ثنائي في العالم بعد الولايات المتحدة. حيث أننا ساهمنا بمبلغ 600 مليون جنيه استرليني في جهود المساعدات الإنسانية السورية حتى الآن، وتم بالفعل تخصيص 500 مليون جنيه لمساعدة اللاجئين وكذلك النازحين داخليا. كما أننا ندعم جهود الأردن ولبنان والعراق وتركيا لمساعدة من سعوا للجوء إلى تلك الدول.
وبفضل مساعداتنا يحصل 320,000 شخص شهريا على مواد غذائية، و900,000 شهريا على مياه الشرب، كما ساعدنا في توفير 316,000 استشارة طبية.
تلك هي أكبر استجابة على الإطلاق من المملكة المتحدة لأي أزمة إنسانية، وذلك علاوة على جهودنا لتأمين ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية داخل سورية، وتقديم مواد أساسية لتوفير المأوى والبطانيات والمدافئ لمساعدة السوريين المحتاجين لتحمل برد الشتاء.
السيد الرئيس، إن أكبر الاحتياجات مطلوبة في المنطقة، وهناك يمكن أن يكون للمساعدات من المملكة المتحدة أكبر أثر. ومثلما قال رئيس الوزراء في الأسبوع الماضي، يفتخر بلدنا بتقاليد توفير الحماية للمحتاجين، وفي حال وجود حالات صعبة بين اللاجئين المعرضين للخطر، فإننا على استعداد للنظر في تلك الحالات.
وبعد التشاور مع مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لندن خلال الأيام الأخيرة، يمكنني أن أقول للمجلس بأن الحكومة تعلن عن برنامج جديد لتوفير مأوى طارئ في المملكة المتحدة للنازحين السوريين الأكثر عرضة للخطر.
هذا البرنامج - برنامج إعادة توطين شخص معرض للخطر - يرتكز إلى ثلاثة مبادئ.
أولا، إننا عازمون على ضمان توجيه مساعدتنا إلى حيث يمكن أن يكون لها أكبر أثر على اللاجئين الأكثر عرضة للخطر. وسوف يركز هذا البرنامج على حالات فردية يكون إخلاؤها من المنطقة هو الخيار الوحيد. وبشكل خاص، سوف نعطي الأولوية للناجين من التعذيب والعنف، والنساء والأطفال الذين يواجهون الخطر أو بحاجة لعناية طبية وتوصي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بإعادة توطينهم. ونعتقد بأن باستطاعتنا في المملكة المتحدة أن نقدم مساهمة مميزة في هذا المجال.
على سبيل المثال، من بين أسوأ الانتهاكات في الصراع السوري استخدام العنف الجنسي، بما في ذلك في مراكز الاعتقال التابعة للنظام. ومبادرة المملكة المتحدة للقضاء على العنف الجنسي تعمل لأجل القضاء على هذه الجرائم في أنحاء العالم. وقد أرسلت وزارة الخارجية فرقا من الخبراء لتدريب السوريين على توثيق جرائم العنف الجنسي والتحقيق بها لإتاحة محاكمة مرتكبيها مستقبلا. ووزارة التنمية الدولية تعطي الأولوية لحماية النساء والفتيات، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية لنحو 12,000 من اللاجئين السوريين الناجين من العنف الجنسي في الأردن. ومن شأن النظر في أمثلة كهذه من خلال برنامجنا لإعادة التوطين، دون استثناء آخرين، أن يساعد في الترويج لهدفنا الأوسع بشأن القضاء على العنف الجنسي في الحروب، وهذه استراتيجية يجري التنسيق بشأنها بين كافة وزارات الحكومة.
ثانيا، سوف يدار هذا البرنامج بالإضافة إلى برنامجين بشأن إعادة التوطين تديرهما وزارة الداخلية بالشراكة مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين: برنامج البوابة الذي يعيد توطين 750 لاجئ كل عام من عدد صغير من المواقع المستهدفة، وبرنامج التكليف بإعادة التوطين المخصص لإعادة توطين لاجئين تعتبرهم المفوضية لاجئين ولديهم أحد أفراد عائلتهم المقربين يعيش في المملكة المتحدة ولديه الاستعداد لاستضافتهم. كما أنه هذا البرنامج سيكون إضافة إلى طلبات اللجوء التي ننظر بها - وسنواصل النظر بها - بموجب قواعد اللجوء العادية. فقد استقبلنا منذ اندلاع الأزمة حوالي 3,500 طالب لجوء - وهذا رابع أكبر رقم في الاتحاد الأوروبي - وتم اعتبار 1,100 مواطن سوري لاجئا في السنة المنتهية في سبتمبر 2013.
ثالثا، بما أننا نريد التركيز على مساعدة الأكثر عرضة للخطر، فإننا لا نعتزم الالتزام بنظام استقبال عدد محدد. وبالتالي فإنني أريد أن أوضح للمجلس بأن هذا البرنامج سوف يدار بموازاة برنامج الدخول الإنساني الذي تديره المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وسوف نعمل بالتشاور عن كثب مع مكاتب المفوضية في لندن وجنيف وفي المنطقة.
إن للمملكة المتحدة علاقات عمل قوية مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نمت طوال سنوات عديدة. ويجري استخدام مبلغ 61 مليون جنيه استرليني من المساعدات الإنسانية البريطانية لسورية عبر برامج المفوضية. ونهجنا يتماشى تماما مع برنامج المفوضية الأوسع، ويلقى دعما منها، ويتيح لنا التحكم في استغلال إمكاناتنا على أكمل وجه لمساعدة هذه الحالات.
السيد الرئيس، يفتخر هذا المجلس وبلدنا ككل بالدور الذي نؤديه دعما للشعب السوري خلال هذه الأزمة الكبيرة. والأموال البريطانية تساعد في توفير المواد الغذائية والمياه والمأوى لمئات آلاف النازحين كل يوم. وسوف نمنح اللجوء لمن يحتاجون إليه، بما يتوافق مع التقاليد التي نفتخر بها في بلدنا لمساعدة من هم في أمسّ الحاجة للمساعدة. ومن خلال برنامج إعادة التوطين الذي أعلنت عنه اليوم سوف نوفر لجوءا طارئا لأكثر اللاجئين عرضة للخطر، بمن فيهم ضحايا التعذيب والعنف.
لكن السبيل الوحيد لوضع نهاية للعنف والمعاناة هو عملية انتقال سياسي عبر التفاوض، ولن تأل الحكومة جهدا في العمل للتوصل لحل سياسي للأزمة لكي يتمكن اللاجئون من العودة إلى بلدهم.