بيان شفوي للبرلمان

سورية: تصريح من وزير الخارجية، 9 ديسمبر 2024

ديفيد لامي: هناك من كانوا يُطلقون على الأسد لقب أسد دمشق. والآن نرى الواقع أمامنا: الأسد هو جرذ دمشق.

Foreign, Commonwealth & Development Office

بالإذن السيدة نائب الرئيس، سوف أدلي بتصريح بشأن سورية.

على مدى أكثر من أسبوعين، حدث تغيير مذهل. فما كان قد بدأ كهجوم من جانب المعارضة في شمال غرب سورية، سرعان ما أصبح تراجعا متسارعا من جانب القوات الموالية للأسد. وخلال عطلة نهاية الأسبوع سقط النظام القاتل.

ففي 30 نوفمبر، انسحب النظام من حلب.

وفي 5 ديسمبر انسحب من حماة.

وفي 6 ديسمبر، انسحب من درعا وحمص.

وفي 7 ديسمبر، انسحب من دمشق.

عندما استلمت حكومتنا مهامها، سأل بعض أعضاء المجتمع الدولي، وبعض أعضاء هذا المجلس، ما إن كنا سوف نعاود تواصلنا مع الأسد.

حليفتاه روسيا وإيران لطالما ناصرتاه. وفي السنة الماضية عاد إلى أحضان جامعة الدول العربية. كذلك بدأت حكومات أخرى تعزيز تواجدها في دمشق على نحو متزايد. لكن حكومتنا اختارت آلا تعاود تواصلها معه.

قلنا لا لأن الأسد وحش.

وقلنا لا لأن الأسد كان ديكتاتورا همه الوحيد هو ثروته وسلطته.

وقلنا لا لأن الأسد مجرم تحدى جميع القوانين والأعراف باستخدامه أسلحة كيميائية ضد شعبه.

وقلنا لا لأن الأسد سفّاح يداه ملطختان بدماء أعداد لا تُعد ولا تُحصى من الأبرياء.

وقلنا لا لأن الأسد كان تاجر مخدرات – يمول نظامه من خلال بيع الكبتاغون والتمويل غير المشروع.

وقلنا لا لأنه لم يكن سيتغير أبدا.

هناك من كانوا يُطلقون على الأسد لقب أسد دمشق. والآن نرى الواقع أمامنا: الأسد هو جرذ دمشق. لقد فر إلى موسكو مذعورا. وكم هو لائق أن ينتهي به المطاف هناك.

نرى السوريين خرجوا إلى الشوارع يهللون لزواله. يهدمون تماثيله. وأعيد لم شملهم مع أحبائهم الذين كانوا “مختفين”.

لطالما تمنينا رحيله. ونحن نرحب بالفرصة التي يحملها رحيله للشعب السوري. فزوال الأسد ليس إذلالا له ولزبانيته وحسب، بل هو إذلال أيضا لروسيا وإيران.

إن ما تُطلق عليه إيران محور المقاومة يتهاوى أمام أعيننا. وقد حاول فلاديمير بوتين دعم الأسد لفترة تجاوزت العقد من الزمن، وكل ما حصل عليه في المقابل هو دكتاتور يقدم طلب اللجوء في موسكو.

يقول بأنه يريد العودة بروسيا إلى جلالها الإمبراطوري. لكن بعد أكثر من ألف يوم، لم يتمكن من إخضاع أوكرانيا. إمبراطورية بوتين الزائفة تتوقف على بعد بضعة أميال خارج دونيسك.

ليس في ذلك ما يثير خوفي، بل يثير اشمئزازي فقط.

بالطبع، اشمئزازنا من الأسد، ومن زبانيته، ومن كل من دعمه، يجب ألا يغشي أعيننا عما تنطوي عليه هذه اللحظة من مخاطر.

فزوال الأسد لا يحمل ضمان السلام. فهذه لحظة محفوفة بالمخاطر، إلى جانب كونها فرصة للسوريين وللمنطقة.

والوضع الإنساني في سورية أليم، حيث نحو 17 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة. وهناك ملايين اللاجئين، أغلبهم في تركيا ولبنان والأردن.

إن مشاهدة هذا العدد الكبير ممن بدأوا العودة إلى سورية مؤشر إيجابي على ما يحملون في قلوبهم من أمل لمستقبل أفضل الآن بعد سقوط الأسد. لكن الكثير من الأمور يعتمد على ما يحدث الآن: تدفق اللاجئين هذا إلى داخل سورية يمكن أن يتحول سريعا إلى تدفق إلى خارجها. وربما يزيد أعداد من يستخدمون طرقا خطيرة غير قانونية للهجرة إلى أوروبا والمملكة المتحدة.

كما أظهرت سورية بأنها مرتع للتطرف. ولا بد وأن المجلس يعرف بأن المجموعة التي أدى هجومها إلى دحر النظام هي هيئة تحرير الشام – أو هتش كما يُطلق عليها اليوم، وهي أيضا منظمة إرهابية محظورة في المملكة المتحدة وتعتبر مرادفا لتنظيم القاعدة. وهذا يجعلنا حذرين بكل حق.

حتى الآن، طمأنت هيئة تحرير الشام الأقليات في حلب وحماة ودمشق. كما التزمت بالتعاون مع المجتمع الدولي بشأن مراقبة الأسلحة الكيميائية.

سوف نحكم على هيئة تحرير الشام من واقع أفعالها، وسوف نراقب عن كثب كيف تعامل هي وأطراف أخرى جميع المدنيين بلا استثناء في المناطق التي تحت سيطرتها.

كذلك قضت المملكة المتحدة وحلفائها أكثر من عقد من الزمن في مكافحة الإرهاب في سورية. ويظل داعش واحدا من أكبر التهديدات الإرهابية للمملكة المتحدة وحلفائها ولمصالحنا في الخارج. ونحن نأخذ على محمل الجد واجبنا كحكومة لحماية المواطنين من هذا التهديد وغيره من التهديدات الإرهابية.

في خضم حالة عدم اليقين هذه، لدى حكومتنا ثلاث أولويات.

أولا وقبل كل شيء: حماية جميع المدنيين، بمن فيهم بالطبع الأقليات. حيث عانت سورية طوال أكثر من عقد من عنف طائفي. ونحن نواصل بذل كل ما في وسعنا لتقديم دعم إنساني حيثما استطعنا. وقد أنفقت المملكة المتحدة ما يربو على 4 مليارات جنيه إسترليني حتى الآن استجابة للأزمة السورية. وتوجد وحدات طبية متنقلة تمولها المملكة المتحدة تقدم بالفعل خدمات طارئة في أنحاء شمال سورية. وفي الأسبوع الماضي قدمنا 300,000 جنيه دعما للخوذ البيضاء. واليوم أعلن رئيس الوزراء تقديم 11 مليون جنيه إضافي من الدعم الإنساني للسوريين.

ثانيا، تأمين تسوية سياسية تفاوضية وشاملة للجميع، وهو ما بحثته مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، غير بيدرسون، يوم أمس. فعن طريق ذلك يمكن للشعب السوري أن يبدأ في رسم مساره تجاه سورية موحدة وتنعم بالسلام.

وأخيرا، منع التصعيد في المنطقة الأوسع. فمنذ أكثر من سنة منطقة الشرق الأوسط واقعة في قبضة سلسلة من الصراعات المترابطة التي كان يوجد خطر تحولها إلى حرب أكثر كارثية.

وفي سورية نفسها، ساعدت روسيا وإيران في إبقاء نظام الأسد على أجهزة الإنعاش. فإن أردنا تحقيق مستقبل أفضل للسوريين، علينا أن ندع السوريين أنفسهم يقررون مستقبلهم.

وعلينا أن نتعلم من هذه الأزمة درسا آخر أيضا. التمويل غير المشروع كان يمثل جزءا أساسيا من طريقة عمل الأسد، تماما كما هو جزء من طريقة عمل بوتين، وطريقة عمل دكتاتوريين ومجرمين في أنحاء العالم. وهذا يُلحق الضرر بمواطني بلدنا وأيضا بالشعب السوري. كما يؤدي إلى زيادة في الجرائم وارتفاع في أسعار البيوت هنا في المملكة المتحدة.

لهذا السبب أعلن اليوم تقديم 36 مليون جنيه من التمويل الجديد للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة دعما لجهودها في مكافحة الفساد. كما أعلن تعيين مارغريت هودج مناصرة جديدة لمكافحة الفساد. وفرض عقوبات جديدة على من يستفيدون من التجارة غير المشروعة بالذهب.

لقد تجاهلت حكومات سابقة ذلك. أما بالنسبة لحكومتنا، فهذه مهمة حيوية.

السيدة نائب الرئيس، في خضم التطورات السريعة للأحداث، انتهزت الحكومة كل فرصة متاحة للتأكيد على أولوياتنا. واليوم، يزور رئيس الوزراء المنطقة في جولة تشمل الإمارات والسعودية. وخلال عطلة نهاية الأسبوع بحثتُ الوضع مع نظرائي التركي والإسرائيلي والإماراتي والأردني، إلى جانب مبعوث الأمم المتحدة. كذلك فإن الوزير فولكنر قد عاد للتو من زيارة للمنطقة، حيث حضر كلا من منتدى الدوحة وحوار المنامة.

ومهما كان ما ستحمله الأيام القادمة، يمكنني طمأنة المجلس بأن تواصلنا الدبلوماسي المكثف سوف يستمر.

السيدة نائب الرئيس، إن ضحايا الأسد يوجدون في كافة أنحاء العالم. والكثير منهم وجد ملاذا آمنا هنا في المملكة المتحدة على مر السنين، بمن فيهم وعد الخطيب. فكما قالت، “يوجد الآن أمل [للسوريين] لاستعادة بلدهم”. والمملكة المتحدة تقف إلى جانب سوريين مثل وعد، وإلى جانب ضحايا الأسد في أنحاء العالم.

وفي مواجهة حالة عدم اليقين وأخطار جديدة، سوف نعمل على تأمين المملكة المتحدة ضد الإرهاب والهجرة غير المشروعة، بينما نعمل في نفس الوقت على مساعدة السوريين لتحقيق مستقبل أفضل لهم.

أعهد إلى المجلس بهذا التصريح.

Updates to this page

تاريخ النشر 9 ديسمبر 2024