المملكة المتحدة تدعو إلى وقف إطلاق النار فورا في غزة: كلمة المملكة المتحدة أمام مجلس الأمن
كلمة السفيرة باربرا وودورد، الممثل البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة في اجتماع مجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط.
مرت تسعة أشهر على هجوم 7 أكتوبر، ويبقى ما لا يقل عن 120 رهينة، أحياء وأمواتا، في أوضاع مروعة. ولا يزال فلسطينيون أبرياء يعانون ويموتون في غزة. والأزمة الإنسانية المدمرة تزداد تدهورا كل يوم. وهناك خطر مجاعة وشيكة. كما أننا قلقون أشد القلق بشأن خطر التصعيد في المنطقة، وتحديدا على طول الخط الأزرق الفاصل بين إسرائيل ولبنان.
السيد الرئيس، من بين الإجراءات الأولى التي اتخذها سير كير ستارمر، كرئيس وزراء المملكة المتحدة، أنه حدد الحاجة العاجلة لوقف إطلاق النار على الفور، والإفراج عن كل الرهائن فورا، وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة في الحال. ونحن نؤيد بقوة الجهود المستمرة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة لبلوغ هذه الغاية - والاتفاق المطروح على طاولة المفاوضات، الذي يؤيده هذا المجلس بقراره رقم 2735، هو أفضل فرصة لتعزيز هذه المساعي. كما نهيب بكلا الطرفين إبداء مرونة في المفاوضات، وعرض ما يؤكد على التزام واضح وراسخ بضمان تنفيذ هذا الاتفاق.
أولا، نطلب من إسرائيل حماية المدنيين، وتيسير تدفق المساعدات إلى غزة بلا عقبات، وضمان حرية حركة الجهات الفاعلة التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالعمل الإنساني وإتاحة المعدات اللازمة لها لإيصال المساعدات بأمان إلى مَن هم في أشد الحاجة إليها. ونؤكد مجددا دعمنا لوكالة الأونروا ولما تؤديه من دور حيوي في إنقاذ الأرواح في غزة، وتوفير الخدمات الأساسية، وتعزيز الاستقرار في الضفة الغربية والمنطقة الأوسع نطاقا - وهو ما يمثل حجر أساس لإحلال السلام الدائم. ومن الضروري تمكين الأونروا من أداء عملها بإمدادها بالموارد المالية المستدامة، والاضطلاع بالمهام المكلفة بها.
ثانيا، نعرب عن قلقنا الشديد بشأن العنف المتصاعد الذي يقترفه المستوطنون في الضفة الغربية. وندين التوسع الإسرائيلي الأخير في بناء المستوطنات. كما نرفض قرارات الحكومة الإسرائيلية بالإعلان عن ضم 2,357 هكتار من الأراضي في الضفة الغربية باعتبارها ’أراضي تابعة للدولة‘ حتى الآن خلال هذه السنة - وهو ما يُعد أكبر حملة إعلانات عن أراضي تابعة للدولة منذ اتفاق أوسلو. هذه الأفعال ليست غير قانونية بموجب القانون الدولي فحسب، بل إنها أيضا تقوض آفاق الوصول إلى حل الدولتين. ومن ثم نطالب بوقف هذه الممارسات غير القانونية.
ثالثا، لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع. فالسعي وراء الخيارات العسكرية لن ينتج عنه سوى تعميق الانقسامات واستمرار معاناة الفلسطينيين والإسرائيليين. إن أعداد القتلى المدنيين في غزة أمر غير مقبول. وقد روعتنا أنباء وقوع إصابات بين المدنيين بعد الهجمات الإسرائيلية بالقرب من المدارس والمناطق الإنسانية المحددة في غزة في الأسابيع الأخيرة - وكما قال وزير الخارجية، توجد ضرورة لاتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين.
كذلك هالنا أثر الصراع على النساء والأطفال. إذ تقدِّر الأمم المتحدة عدد الأطفال الذين لا أهالي لهم في غزة بما يزيد على 17,000 طفل، وتأكَّد مقتل أكثر من 5,000 امرأة، والكثير غيرهم في عداد مجهولي الهوية أو المفقودين. والعديد من أولئك القتلى والمفقودين هم أمهات. والأطفال معرضون بوجه خاص للقتل والتشويه والفصل عن أسرهم، والمعاناة من الصدمات النفسية، وسوء التغذية الحاد، والعنف والاستغلال. كما تواجه النساء والفتيات في غزة صراعا مستميتا للحصول على الطعام، وضمان سبل النظافة الأساسية والصحة والكرامة أمام أوضاع صحية مستحكمة، ومخاطر التعرض للاغتصاب والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
لن يتحقق السلام المستدام إلا إذا جدد كل من الإسرائيليين والفلسطينيين التزامهم بتجديد عملية سلام يتمخض عنها حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل في أمان وأمن إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة وقادرة على البقاء - وهو الحق الذي لا يمكن سلبه من الشعب الفلسطيني. وإن زيارة وزير الخارجية البريطاني للمنطقة هذا الأسبوع لهي دلالة على التزامنا الراسخ بتحقيق هذه الغاية. كما تحدث رئيس الوزراء البريطاني مع رئيس الوزراء نتانياهو والرئيس عباس وغيرهم من الزعماء في المنطقة، مؤكدا على التزام المملكة المتحدة بالنهوض بدورها الدبلوماسي الكامل في تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار، والتمهيد لمسار ذي مصداقية لا رجعة فيه نحو الوصول إلى حل الدولتين. فالعالم يحتاج إلى إسرائيل تعيش في أمان وأمن إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة وقادرة على البقاء.