تصريح وزير الخارجية للبرلمان بشأن سورية
أطلع وزير الخارجية البرلمان على التطورات بشأن سورية وعملية جنيف 2 والاجتماع بالمعارضة في باريس.
قال وزير الخارجية، ويليام هيغ، اليوم:
السيد الرئيس، اسمحوا لي أن أدلي بتصريح عن سورية. لكني أود أولا إبلاغ المجلس بأننا توصلنا لاتفاق المجموعة الأوروبية الثلاثية + 3 مع إيران بشأن البدء اعتبارا من 20 يناير بتطبيق أول مرحلة من الاتفاق الذي توصلنا إليه في جنيف بشأن البرنامج النووي، والذي أشرت إليه في تصريحي الذي أدليته به أمام البرلمان في 25 نوفمبر. وسوف ننتقل الآن إلى السعي للتوصل لتسوية شاملة للمسألة النووية مع إيران.
لقد حضرت يوم أمس اجتماع المجموعة الأساسية لأصدقاء سورية في باريس للتهيئة لمفاوضات جنيف 2 للسلام التي ستبدأ في مونترو يوم 22 يناير (كانون الثاني).
وقد أوضح الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة الدعوة التي وجهها بأن الهدف هو “مساعدة الأطراف السوريين في وضع نهاية للعنف والتوصل لاتفاق شامل بشأن تسوية سياسية وتطبيق إعلان جنيف بالكامل، مع صيانة سيادة واستقلال ووحدة أراضي سورية”. هذا يعني الاتفاق على تشكيل مجلس حكم انتقالي في سورية يتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية، ويكون تشكيله بالاتفاق المشترك، لتلبية تطلعات الشعب السوري.
وقد كانت رسالتنا الموحدة في باريس يوم أمس، من كافة الدول الإحدى عشرة الحاضرة، هي الضرورة الملحة لهذه العملية، والأهمية الكبرى لاستعداد كل من النظام والمعارضة للحضور، وعزمنا على دعم تسوية سياسية ووضع نهاية لمعاناة الشعب السوري.
لا أحد يقلل من شأن صعوبة المفاوضات القادمة. لكننا لن نتخلى عن الدبلوماسية كسبيل لوقف سفك الدماء الفظيع، كما أننا لن نتوانى عن دعم المعارضة السورية المعتدلة، حيث إن كان أمامنا فقط نظام قاتل من جهة ومتطرفون من الجهة الأخرى فلن يتم التوصل لتسوية سلمية في سورية.
ولطالما قال رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا بأنه على استعداد لحضور مفاوضات جنيف. ومهمته الصعبة هي إقناع باقي أعضاء المعارضة المعتدلة بالموافقة على الحضور في الوقت الذي تتعرض فيه بلداتهم وقراهم وبيوتهم لقصف وحشي. ومن المتوقع أن يتخذ الائتلاف الوطني قراره الأخير خلال اجتماع الجمعية العامة للائتلاف يوم الجمعة القادم. وإننا نهيب بهم حضور المفاوضات وتسليط الضوء على مسؤولية نظام الأسد عن وضع نهاية لهذا الصراع المرير.
وقد اجتمع وزير الخارجية الأمريكي كيري ووزير الخارجية الروسي لافروف اليوم بمبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الابراهيمي لإجراء المزيد من المباحثات قبيل انطلاق محادثات جنيف 2. وهنالك حاجة ملحة لاتخاذ تدابير لبناء الثقة قبيل بدء تلك المحادثات، بما في ذلك تبادل السجناء وفتح ممرات آمنة لعبور المساعدات الإنسانية وتوفير مناطق تخلو من إطلاق النار. ونحن نطالب كل الأطراف في سورية بالعمل تجاه اتخاذ هذه الإجراءات.
لقد استمرت كثافة العنف منذ التصريح الذي أدليت به أمام مجلس العموم من قبل. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط أكثر من 125,000 قتيل حتى الآن.
ويواصل النظام قصف حلب وغيرها من البلدات والمدن، بما في ذلك باستخدامه المتكرر “للبراميل المتفجرة”. حيث أنه يلقي بهذه البراميل الكبيرة المملوءة بالمتفجرات والقطع المعدنية باستخدام المروحيات فوق مناطق المدنيين، ما أدلى لمقتل 600 شخص في حلب وحدها منذ منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) - بمن فيهم 172 طفل - وإصابة 3,000 آخرين. إن الاستخدام المتعمد لهذا السلاح الذي يصيب عشوائيا هو دليل آخر على ارتكاب جريمة حرب، ومن الواضح أن الهدف من استخدامه هو زرع الرعب والرهبة في نفوس المدنيين وإضعاف إرادتهم. يجب ألا يكون لدى الأسد ومن حوله أدنى شك بأن العالم سوف يحاسبهم على ما يفعلون.
كما إن العراقيل المتعمدة أمام وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري غير مقبولة نهائيا. وقد طالب بيان رئاسة مجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالسماح بوصول المساعدات لكافة السوريين.
لكن حسب تقدير الأمم المتحدة هناك 2.5 مليون شخص داخل سورية لا يتلقون المساعدات حاليا، بمن فيهم ربع مليون محاصرين في مناطق يحاصرها النظام أو يصعب الوصول إليها. وأعداد المحرومين من المواد الغذائية والأدوية لا تعد ولا تحصى، وباتت ترد الآن تقارير مقززة عن وفاة أشخاص بسبب سوء التغذية.
إننا اقترحنا في مجلس الأمن الأسبوع الماضي صدور بيان جديد يطالب بدخول ووصول المساعدات فورا ودون أي عراقيل. وروسيا عارضت صدور هذا البيان، لكننا سوف نواصل السعي لاتخاذ إجراء عبر مجلس الأمن والعمل مع روسيا لمحاولة إحراز تقدم في جنيف وبالوضع الإنساني.
إن أكثر من نصف الشعب السوري بحاجة الآن لمساعدات إنسانية: 9.3 ملون شخص داخل سورية و2.3 مليون لاجئ في المنطقة، وهم يواجهون شتاء قارصا. وقد قدمت المملكة المتحدة الآن نصف مليار جنيه استرليني من المساعدات الإنسانية، وهو أكبر مبلغ على الإطلاق نخصصه استجابة لأزمة واحدة.
كما أعلنت وزيرة التنمية الدولية اليوم بأننا خصصنا أو أوفينا بكافة المبالغ التي وعدنا بتقديمها. وسوف تحضر يوم الأربعاء مؤتمر المانحين في الكويت، حيث ستقدم المملكة المتحدة تبرعا كبيرا آخر استجابة لنداء المساعدة الإنسانية الذي أطلقته الأمم المتحدة لجمع 6.5 مليار دولار لأجل سورية في 2014، وسوف نحث الدول الأخرى على إبداء كرم مماثل.
كما سنطالب برفع الحصار عن المناطق المحاصرة والسماح بدخول منظمات الإغاثة الإنسانية، ووضع نهاية فورية للهجمات على المناطق المدنية ومرافق الرعاية الطبية، واحترام القانون الإنساني الدولي.
إننا ندرك في هذا المجلس وفي بلدنا مدى أهمية أن يكون للنساء دور أكبر في إنهاء الصراع وبناء السلام. وقد كان للمملكة المتحدة دور قيادي في الدعوة لأن يكون للنساء دور مباشر في مفاوضات جنيف.
كما قدمنا اقتراحات لضمان وجود نساء ضمن وفد كل من الطرفين. وناشدنا الأمم المتحدة تسهيل وجود دور واضح للجماعات النسائية والمجتمع المدني، وذلك بتشكيل جهاز استشاري من المجتمع المدني يحضر المفاوضات. وسوف نقدم 200,000 جنيه استرليني لتمكين الجماعات النسائية السورية من المشاركة.
وعلاوة على مساعداتنا الإنسانية للشعب السوري، قدمنا أكثر من 20 مليون جنيه استرليني من المساعدات لجماعات المعارضة السورية والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين بمجال الإعلام في سورية. وهذا يتضمن تدريب وتجهيز فرق البحث والإنقاذ، وتوفير مولدات كهرباء وأجهزة اتصالات، ودعم وتدريب الإداريين المدنيين، ومساعدة من تعرضوا للعنف الجنسي.
وقد أعلنّا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن زيادة المساعدات غير الفتاكة للواء إدريس، رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، وذلك يشمل توفير الاتصالات والمعدات الطبية واللوجستية. وفي ديسمبر (كانون الأول) اتخذنا قرار الوقف المؤقت لإرسال هذه الإمدادات بعد وقوع قتال على السيطرة على معبر باب الهوى الحدودي. ونحن الآن على استعداد لاستئناف إرسال هذه المساعدات - والنظر في زيادتها - بمجرد أن نصبح على قناعة بأن الظروف على الأرض تتيح للمجلس العسكري تولي استلام معداتنا بشكل آمن.
لقد بدأت جماعات المعارضة السورية اعتبارا من 3 يناير (كانون الثاني) قتال جماعة متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تعرف باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، في عشرات المواقع بأنحاء شمال سورية.
وتفيد التقارير بأن جماعات المعارضة استطاعت دفع هذه الجماعة المتطرفة للتراجع في حلب وإدلب وحماة والرقة وغيرها من المحافظات. وقد صاحب هذا القتال خروج مظاهرات شعبية واسعة ضد التعذيب والإعدام الفوري الذي يمارسه المتطرفون.
إن استعداد المعارضة المعتدلة لمقاتلة هؤلاء المتطرفين هو دليل للعالم على أنهم ينبذون التطرف، تماما مثلما ينبذون نظام الأسد.
وهذا يبين كذب ما يقوله الأسد بأن الخيار الوحيد هو بين نظامه والإرهابيين المتطرفين. كما أن ذلك يؤكد أهمية دعم قوات المعارضة المعتدلة لمساعدتهم في مواجهة المتطرفين - وهو أمر حيوي لأجل أمن المنطقة والمملكة المتحدة. ووحشية الأسد هي أفضل أداة يستعين بها المتطرفون لتجنيد أتباعهم. وبالنهاية فإن السبيل الوحيد على الأجل الطويل لمواجهة التهديد المتطرف هو التوصل لتسوية سياسية شاملة.
ولطالما حذرنا بأن كلما طال أمد الصراع كلما ازدادت شدة انعكاساته على أمن وسلام المنطقة.
وقد وقعت المزيد من عمليات التفجير باستخدام سيارات مفخخة في لبنان، إلى جانب وقوع اشتباكات على الحدود اللبنانية. كما وقع قتال شديد في غرب العراق شمل متطرفين من تنظيم القاعدة، ويعود جزء من سببه على الأقل للصراع في سورية. كما أن كلا من الأردن ولبنان، إلى جانب تركيا، يتحملان بكل رحابة صدر الصعوبات الناجمة عن نمو عبء اللاجئين السوريين - حيث يستضيفان أكثر من 575,000 لاجئ وأكثر من 860,000 لاجئ على التوالي. كما قدمنا 109 مليون جنيه استرليني من المساعدات الإنسانية لكل من الأردن ولبنان، إلى جانب 1.3 مليون جنيه للقوات المسلحة الأردنية و14 مليون جنيه للجيش اللبناني لمساعدته في حماية الحدود.
وتم إحراز تقدم في مجال واحد، ألا وهو تدمير ترسانة سورية من الأسلحة الكيميائية. حيث أن أول شحنة من أكثر المواد الكيميائية خطورة قد غادرت سورية الآن، بعد تأخير قصير بسبب كثافة القتال وسوء الأحوال الجوية. وعلى النظام السوري ضمان نقل باقي المواد إلى الميناء في أسرع وقت ممكن لضمان التخلص من كافة المواد الكيميائية مع نهاية يونيو (حزيران).
إن التخلص من ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية هو مثال قوي على التعاون الدولي. حيث تقدم كل من إيطاليا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا والدانمارك والنرويج وفنلندا والصين مساهمات هامة في ذلك.
وبالإضافة إلى مبلغ 2.4 مليون جنيه استرليني الذي قدمته المملكة المتحدة لمساعدة جهود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتدمير هذه الأسلحة، أعلنا في 19 ديسمبر (كانون الأول) بأن المملكة المتحدة سوف تقبل باستلام جزء من المواد الكيميائية لتدميرها في مرافق تجارية هنا. هذه المواد الكيميائية مماثلة لكثير من المواد الكيميائية الصناعية التي يتم التعامل بها في المملكة المتحدة، ونحن نعمل على ضمان إدارة هذه العملية بأمان.
كما أن سفينة صاحبة الجلالة مونتروز التابعة للبحرية الملكية البريطانية على وشك الانضمام للأسطول المرافق للسفن الدانمركية والنرويجية التي تنقل مخزون المواد الكيميائية من سورية. وقد أبلغ وزير الدفاع المجلس اليوم بأنه سيوفر معدات تخصصية لاستخدامها على متن سفينة أمريكية لتحييد مفعول المواد الكيميائية بعد إخراجها من سورية.
السيد الرئيس، إن الوضع على الأرض فظيع للغاية ويزداد سوءا، كما شرحت آنفا. والتهديد لأمن المنطقة والعالم يتزايد باستمرار، وبات احتواء الصراع ضمن الحدود السورية يزداد صعوبة. ولسوف نواصل تكثيف جهودنا للتوصل لتسوية سياسية وإنقاذ الأرواح وحماية أمننا.
إن وضع نهاية للصراع لن يتحقق سوى بالتوصل لتسوية سياسية. وانطلاق عملية جنيف 2 في 22 يناير (كانون الثاني) يعتبر خطوة هامة. وبينما أن ليس لدينا أي شك بشأن مدى احتمال صعوبة هذه العملية، فإننا سوف نبذل كل ما بالإمكان، مع الدول الأخرى، للمساعدة في إنجاحها.
المزيد من المعلومات
آخر المستجدات بشأن المساعدات البريطانية لسورية
تابع وزير الخارجية عبر تويتر @WilliamJHague
تابعنا باللغة العربية عبر فيسبوك
تابعنا باللغة العربية عبر تويتر @UKMiddleEast